حوار مع الدكتورة نوره المالكي بمناسبة نشرها لورقة بحثية تتعلق بالتعلم الإلكتروني

د. نورة المالكي، استاذة جامعية، نالت درجة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية من كلية التربية للبنات عام 1996م، ودرجة الماجستير في الأدب المقارن ومباحث الصورانية عام 2004م، ودرجة الدكتوراه في الشعر من كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة الملك عبدالعزيز عام 2010م. تشغل حاليا درجة أستاذ مساعد في قسم اللغات الأوروبية بجامعة الملك عبدالعزيز؛ وفي إطار مهامها الحالية تقوم بمهام تدريسية كما تشارك حسب اختصاصها في نشر ثقافة التعلم الإلكتروني بما يتفق وتطلعات عمادة التعلم الإلكتروني والتعليم عن بُعد بشكل خاص والجامعة بشكل عام.

بداية نشكركِ على التكرم بالموافقة على قبول دعوتنا للحوار.

من هي الأستاذة نوره المالكي لمن لا يعرفها؟

عوضا عن السيرة الذاتية أفضل أن اعرف بنفسي على أني متعلم ومعلم، أقرب للمتعلم النهم مني للمعلم، حيث أفضل أن انظر لكافة منسوبي الجامعة وطلابها على أنهم مصادر متحركة لمعلومات قيمة تثري الفكر وترتقي بالأداء.

ما هي أهم الأعمال التي قمتِ بها خلال فترة عملك بالجامعة؟

أغلب المهام الإدارية التي قمت بها كانت في كلية الآداب والعلوم الإنسانية منها ذات العلاقة بمهام قسمي، وأخرى وفاء بمتطلبات إدارية اسندت ليّ ومنها: الإشراف على وحدة تقنية المعلومات، مشرفة قسم المواد العامة، مشرفة وحدة التطوير والجودة، نائبة مشرف وحدة التخطيط الإستراتيجي، بالإضافة لعضوية بعض اللجان ذات العلاقة بالإعتماد الأكاديمي في كليتي. حالياً، أقوم بمشاركة الأخوة والأخوات بعمادة التعلم الإلكتروني والتعليم عن بُعد في رسم بيئة جميلة وجذابة للتعلم الإلكتروني في جامعة المؤسس من خلال رئاسة قسم الجودة والتطوير بشطر الطالبات.

كيف ترين مستوى التعليم بشكل عام والتعلم الإلكتروني بشكل خاص؟

الحديث عن مستويات يتطلب ضمنيا المفاضلة بين حالتين-افتراضيا بين ممارسات تعلم تقليدية وأخرى نشطة وإلكترونية. في الحقيقة، لا يوجد مثل هذا التصنيف في ذهني. أستطيع في المقابل أن أصف لك الحاضر بكل الجهود المبذولة على مستوى مؤسسات التعليم السعودية لتطوير التعليم. وأستطيع أيضاً أن اتخيل معك بعداً خامسا تكون فيه ممارسات التعلم قد بلغت من التطور ما يجعلها محسوسة ملموسة. وكلا الأمرين يستحيل وصفه بدقة. فحاضر التعليم السعودي في الحالة الأولى في حراك قوي وفعال لايمكن اختصاره في عبارة أو اثنتين وقد أهضم حق كافة المحاولات الجادة لتطوير التعليم التي تجري على قدم وساق سواء على مستوى مؤسسات التعليم أم على مستوى المعلمين أنفسهم. كما أنني لا أفضل رسم صورة مثالية لممارسات يفترض فيها عدم الثبات والإستمرارية في التحول والتطور بما يناسب العصر ومتطلبات المتعلمين. بإختصار، تحديد مستوى التعليم/ التعلم الإلكتروني تقع مسؤوليته على عاتقي (كمعلم) قبل الجميع. ومن العسير علي أن أقول أن مستوى التعليم "متدني" وكأني أوجه ضربة قاتلة لنفسي. مفارقة! أفضل أن أقول أن "ممارسات التعلم/ التعليم تتدرج نحو التمييز، وأننا جميعا نتحمل مسؤولية تحقيق ذلك التدرج الواعي نحو التميز".

بصراحة ماذا تمثل لك الورقة البحثية (التدريب الإلكتروني الذاتي لأعضاء هيئة التدريس في التعلم الإلكتروني"؟

أعمل مع مجموعة رائعة من المجربين (ولا أقول الباحثين) في مجال التعلم الإلكتروني من بلدان متعددة. وجميعنا لا نحمل تخصصات في التعلم الإلكتروني أو تقنيات التعليم، ولكننا وضعنا لأنفسنا شعارا: (فكرة على ورقة). أي أن مانقوم بتجريبه من أنظمة، تطبيقات، ممارسات، الخ، يجب أن ندون مخرجاته في أي شكل. وعادة البحث العلمي هو المنتج وإن كنا نحتفظ أيضاً بمدونات مختلفة للإنجاز. والورقة "القصيرة" المذكورة في سؤالك ليست إلا محاولة لأن ندون النواتج الأولية لفكرة تم تطبيق بعض مراحلها. أنا وفريق العمل الذي عملت معه (أ. ميادة المصري، أ. عبدالله المالكي، وأ. رانيا الحربي) لسنا متخصصين في تقنيات التعليم، فلا تتوقع عند قراءة الورقة أنك سوف تجد صفحات وصفحات من التنظير أو الإشارات المرجعية المعتبرة في المجال. ولم نتم التجربة بشكلها الكامل بعد كي نقول أن الورقة قدمت حلاً متميزاً لمشكلة التدريب في الجامعة بإقتراح "التدريب الإلكتروني الذاتي". الجمالية في الأمر ليس الورقة وإنما الممارسة في العمل المشترك على إنجاز محتوى المقرر التدريبي، موضوع الورقة، حيث تضافرت الجهود من شطري الطلاب والطالبات بعمادة التعلم الإلكتروني والتعليم عن بُعد لصياغة المحتوى وإعداد صفحة المقرر على البلاكبورد ومتابعة الأكاديمين الذين انضمو للمقرر. بصراحة لم تستطع الورقة رصد كافة الجهود المبذولة. فهناك من شاركنا بفكرة عابرة، وهناك أيضاً القائمين على إدارة نظام التعلم الذين جعلوه بيئة خصبة للتدريب والتعليم في جامعة المؤسس، وهناك من شجعنا على العمل والإنجاز في هذا الموضوع وسواه. فالورقة نتاج عملهم جميعاً.

متى يمكن الاعتماد على أساليب التعلم الإلكتروني في عملية التدريب؟

يتحدث الكثير من المختصين والمنظرين في الموضوع عن أن تبني انموذج التعلم الإلكتروني في التدريب حتمي لكافة أشكال المؤسسات لإعتبارات متنوعة منها التكلفة وسهولة الوصول والظهور الإلكتروني للمؤسسة. والتدريب صورة من صور التعليم بالمعنى المتعارف عليه. إذن لا أجد غضاضة في توظيف تطبيقات التعلم الإلكتروني في عمليات التدريب للاعتبارات المذكورة سابقاً. وحصر تبني أسلوب التدريب الإلكتروني بالموضوعات النظرية أو مهارات تطوير الذات مغالطة. فيمكن الآن مع وجود تطبيقات المحاكاة والمعامل الإفتراضية وسواها من تنفيذ برامج تدريبية تطبيقية بشكل الكتروني.

في بحثكم أشرتم إلى "الخطوط العريضة للمنهج المطور وتطوير المواد العلمية" كيف يمكن تحقيق ذلك؟

كانت المشكلة تنحصر في عدم وجود سياسات خاصة لتطوير مقررات تدريبية إلكترونية محلية وكذلك عدم وجود نماذج ممارسة مثالية في هذا المجال يمكن الإعتماد عليها والإشارة لها، لذلك فضلنا البدء من نقطة معروفة للجميع وهي معايير الهيئة الوطنية للتقويم والإعتماد الأكاديمي، وكذلك المعايير الأكاديمية للمركز الوطني للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بُعد مع تفضيلنا لإستخدام أدوات نظام البلاكبورد لتأليف المقرر التدريبي بكافة عناصره في صورته الأولية دون توظيف أي تطبيقات "تأليف محتوى" خارجية لأن المجموعة البحثية قامت بالمشاركة الشخصية كل حسب تخصصه في إنشاء المقرر والإضافة إليه. أردنا أن نوصل رسالة مفادها أننا لسنا بحاجة لتكاليف باهضة في تصميم مثل هذه المقررات وأن الجهود التشاركية بين المعلمين والباحثين على مستوى الجامعة قد يكون لها دور في إثراء المحتوى التدريبي الإلكتروني. وذلك يقودنا لنقطة البداية: مدى استعداد المعلم لمشاركة موارده التدريبية والتعليمية مع الآخرين وهذه الفكرة محور مبادرة سعودية في الموارد التعليمية المفتوحة تم افتتاحها مؤخرا في مؤتمر التعلم الإلكتروني والتعليم عن بعد 2015. تخيل لو كل الجامعات السعودية تتشارك مصادرها وخبراتها التدريبية لتصميم مقررات تدريبية تفي باحتياجات المعلم (تعليم عام-أو جامعي) وتنشرها بشكل مفتوح. مع الوقت سوف تتحول الممارسة لسياسة وخطوط عريضة للتصميم التعليمي في مثل هذه الموضوعات.

 

ما هو الحافز التربوي لديكم في استخدام نمط التعلم الالكتروني الذاتي؟

اعتقد كمنسوبين في جامعة المؤسس نهتم جميعا بالتطوير الذاتي والمهني فبدون هذين المسارين للتقدم لا يمكننا أن نتميز في منجزاتنا سواء الشخصية، الإدارية، أو الأكاديمية. ونمط التعلم الذاتي، بوجود هذا القدر من الدافعية المتوقعة لدينا، يتناسب مع رغبتنا في التغيير والتطور للأفضل ويأخذ في الإعتبار معوقات ذلك. واهمها من وجهة نظري عامل الزمن، حيث يستحيل على الإداري أو الأكاديمي المرتبط بمهام متعددة خلال اليوم الدراسي أن يلتزم بحضور برنامج تدريبي في الجامعة أو إلكتروني يتطلب منه الحضور المباشر. والبديل هو تصميم تدريب إلكتروني بنمط التعلم الذاتي وربطه بأنشطة وسواها مما يحدد مدى تقدم المتدرب في الإنجاز ويحفزه على المتابعة وترك المساحة للمتدرب أن ينجز متطلبات التدريب تلك بما يتناسب مع وقته.

في ظل التغييرات المتسارعة كيف تنظرون إلى قطاع التقنية؟

بالنسبة لمتعلم/معلم مثلي فقطاع التقنية في مؤسستي نافذتي على العالم. أتوقع أن تكون تلك النافذة مفتوحة دوماً على الجديد والمفيد للعملية التعليمية. وهذا مانجده بحمد الله في الجامعة.

لماذا التركيز على التدريب الإلكتروني في هذا التوقيت تحديداً؟

لقد حققت التقنية من التقدم ماجعلها في متناول الجميع بشكل لحظي. وأصبحت الممارسات التقليدية في التعليم والتدريب محط الإهتمام لتطويرها بما يعكس تلك التطورات وبما يتناسب وأنماط تعلم المتعلمين والمتدربين. زد على ذلك، فإن جاهزية المؤسسة لتقديم التدريب بشكل إلكتروني لمنسوبيها يجعلها تحتل مكانة على خارطة المؤسسات التي تستهدف الوفاء بالإحتياجات التدريبية حتى قبل ظهورها لدى منسوبيها. فمثلاً وجود مقرر تدريبي إلكتروني في البحث العلمي موجه للباحثين بنمط التعلم الذاتي قد يفي بإحتياجات المئات من منسوبي الجامعة من كافة الفئات دون الحاجة لعقد دورات تدريبية مقننة الأعداد والفترات.

أخيرا هل لكِ أن تضعينا في آليه نشر ثقافة التعلم الإلكتروني؟

تنتهج عمادة التعلم الإلكتروني والتعليم عن بُعد مجموعة من الممارسات المميزة في نشر ثقافة التعلم الإلكتروني من خلال التدريب وورش العمل وكذلك من خلال كم المعلومات والمصادر المطروحة من خلال موقعها. وعلى الصعيد الشخصي، اعتقد أن أفضل آلية لنشر هذه الثقافة هي بالنشر العلمي (كتب-مدونات-بحوث-الخ) وكذلك من خلال نمذجة ممارسات هذه الثقافة من خلال تصميم مقررات تدريبية (تحاكي توقعاتنا من التصميم التعليمي للتعلم الإلكتروني وتقدم بطريقة تفاعلية جذابة) ودعوة أعضاء هيئة التدريس للإشتراك في هذه المقررات وفتح أبواب الحوار في الممارسات المتبعة وكيفية استفادتهم منها على الصعيد الشخصي.

نستطيع أن نقول من خلال حوارانا مع الدكتورة نوره المالكي –وأنتم بأنفسكم تشهدون- الدور والجهد الذي تقوم به وأن حقيقة ممارسات التعلم/التعليم تتدرج نحو التمييز ما تحمل الجميع مسئوليتها، وأن الممارسة في العمل المشترك على إنجاز محتوى المقرر التدريبي جُهد عظيم يستحق منا الشكر، وأن تنفيذ برامج تدريبية تطبيقية بشكل إلكتروني أصبح قريب، وأود أن اختتم هذا الحوار بالتعبير الرائع للدكتورة نوره "أن التقنية في مؤسستي نافذتي على العالم".

شكرا جزيلًا للدكتورة نوره على هذا الحوار الممتع متمنين لكِ مزيد من التفوق والتميز في ساحة المتعلم والمعلم.


آخر تحديث
4/20/2015 9:53:42 AM