الدكتور محمد عبدالمقصود يلقي الضوء حول تكنولوجيا التعليم ومتطلبات المقرر الالكتروني

 

في حوار متميز ومفتوح مع سعادة الدكتور/ محمد عبد المقصود الأستاذ المساعد لتقنيات التعليم الالكتروني ومستشار التصميم التعليمي والتدريب الالكتروني بعمادة التعلم الالكتروني والتعليم عن بعد بجامعة الملك عبد العزيز بجدة. والمتخصص في تقنيات التعليم بشكل عام، وتقنيات التعلم الإلكتروني بشكل خاص، والذي كان لنا شرف الالتقاء به، ليكشف لنا في حديثه عن أهم العناصر التي تحتاجها المقررات الإلكترونية من تطوير، ومراحل تصميمها وإنتاجها، وقد توجهنا إليه بعديد من التساؤلات وتطرقنا لبعض المحاور المختلفة، والتي كان من أبرز جوانبها الحديث عما قدمته تكنولوجيا التعليم للمعنيين بالعملية التعليمية، وتطرقنا معه للآلية المتبعة عند تدريب المصممين التعليميين بعمادة التعلم الالكتروني والتعليم عن بُعد بجامعة الملك عبدالعزيز.

وكان الحوار معه الذي بدت عليه روح الشفافية من خلال إجاباته على النحو التالي:

دكتور محمد هل لك أن تحدثنا عن تكنولوجيا التعليم بشكل عام؟

بداية، أود أن أشكركم على استضافتي معكم اليوم لإجراء هذا الحوار الذي أتشرف بنشرة على موقعكم المتميز على شبكة الانترنت. أما فيما يتعلق بمفهوم "تكنولوجيا التعليم" فتجدر الإشارة هنا إلى أنها مجال واسع جدًا، ولذلك يمكن أن نجد عدة تعريفات، قد يكون بعضها متناقضًا مع البعض الآخر. ومع ذلك فهناك سمتان أساسيتان لتكنولوجيا التعليم لا يختلف عليها اثنان ويتفق عليها معظم الباحثين والدارسين في هذا المجال، ألا وهما "العلم" و "الممارسة". فتكنولوجيا التعليم علم وممارسة إدارة التعليم وتسهيله وتحسين أداء الطلاب من خلال خلق واستخدام وإدارة العمليات والموارد التكنولوجية الملائمة لكل هدف تربوي وتعليمي ينبغي تحقيقه. وببساطة تستطيع أن تقول أن تكنولوجيا التعليم هي استخدام الوسائل التقنية لتحسين التعليم وفق مخطط مُسبق ومحكم لجميع عمليات التعليم والتعلم.

ما هي أهم الانجازات التي حققتموها على المستوي الشخصي؟

الحمد لله، حصلت مؤخرًا على البورد الدولي IBCT للمدربين المعتمدين TOT بمستوى مدرب مشارك AT على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وIBCT لمن لا يعرفها هي هيئة دولية تعتمد المدربين الدوليين بنظام TOT وفق قواعد واشتراطات معينة ينبغي الالتزام بها عالميًا في كل البرامج التدريبية المؤسساتية على مستوى العالم حتى تحقق الهدف المنشود منها. وهذه الرخصة عبارة عن ثلاث مستويات، تبدأ بالمستوى الأول "مستوى المدرب المشارك AT" والذي حصلت علية بالفعل؛ ثم المستوى الثاني "المدرب المحترف PT" وأخيرًا مستوى "المدرب المعتمد CT". ويفصل بين كل مستوى منهم فترة زمنية بينية تقدر بعامان في حدها الأدنى يُمارس خلالها التدريب الفعلي بمعايير الـ IBCT مصحوبة بتقييم عملي للمدرب حتى يتمكن من الانتقال للمستوى الذي يليه وهكذا.

وماذا عن برنامج "تحسين التعليم" الذي حصلتم فيه سعادتكم على رخصة "مرشد معتمد" لدى الاتحاد الأوربي؟

كان بداية ذلك في عام 2001 عندما حصلت بالفعل على رخصة "مرشد معتمد" من الاتحاد الأوربي في برنامج "تحسين التعليم" التابع لمنظمة اليونسكو فرع "استخدام التكنولوجيا في التعليم" ولم يكن وقتها التعليم الإلكتروني قد ظهر فعليًا بالصورة التي عليها الآن، وبعد مرور خمس سنوات حصلت على التجديد الأول لهذه الرخصة عام 2006 بعنوان "تفعيل التعليم الالكتروني"؛ وقد ظهر وقتها التعليم الالكتروني في المؤسسات التعليمية ولكن بشكل غير منضبط كما هو حاليًا، وبعدها بخمس سنوات أخرى حصلت على التجديد الثاني عام 2011 بعنوان "تطوير منظومات التعليم الالكتروني"، وبهذه الرخصة أصبحت "مرشد معتمد" مخول له توجيه وإرشاد المؤسسات التعليمية نحو تأسيس وتطوير منظومة التعليم الالكتروني داخلها والارتقاء بها نحو تقديم خدمات تعليمية الكترونية متميزة من عام 2001 وحتى الآن.

دكتور محمد هل لك أن تطلعنا على عملية إنتاج المقررات الإلكترونية وما هي أهم العناصر التي تحتاجها من تطوير؟

بصفة عامة؛ تخضع عملية إنتاج أي مقرر إلكتروني لمجموعة من المتطلبات والشروط والمعايير المعتمدة وفق نموذج معين للتصميم التعليمي للمقررات الإلكترونية، وأهم وأشهر هذه النماذج هو نموذج ADDIE والذي حظي باهتمام عالمي كبير في عملية إنتاج المقررات الإلكترونية؛ حيث تمر عملية الإنتاج بخمس مراحل أساسية وهى: مرحلة التحليل ثم مرحلة التصميم ثم مرحلة التطوير ثم مرحلة التطبيق وأخيرًا مرحلة التقييم، ومخرجات كل مرحلة من المراحل السابقة تمثل مدخلات المرحلة التي تليها وهكذا حتى نصل للمُخرج النهائي ألا وهو "المقرر في صيغته الإلكترونية".

ما هي المؤتمرات العلمية التي شاركتم فيها وما ابرز إسهاماتكم العلمية بها؟

حضرت العديد من المؤتمرات العلمية المحلية والدولية وشاركت بأوراق عمل وبحوث علمية في بعض منها. وكان أخرها المؤتمر الدولي الرابع للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بُعد بالرياض في مارس الماضي حيث شاركت فيه ببحث لذوى الاحتياجات الخاصة. وهذا المؤتمر بالذات اعتبره من أهم المؤتمرات لذوي الاختصاص في التعليم الإلكتروني حيث حضرت جميع دوراته الماضية وحتى العام. وكنت أشارك دائما ببحث في كل دورة عدا الدورة الأولى. وفى الدورة الثانية عام 1432 تقدمت بورقة عمل والدورة الثالثة عام 1434 تقدمت ببحث علمي تم الإشادة به في المؤتمر وتم إبرازه في النشرة الإعلامية للمؤتمر بجانب كوني أول متحدث عربي عقب الجلسة الافتتاحية للمؤتمر في هذا العرس العلمي المتميز. وهذا بالإضافة لحضوري العديد من المؤتمرات العلمية وحلقات النقاش في مصر والأردن والبحرين والسودان.

منصات المحتوي الرقمي للطلاب الصم في برامج التعلم الالكتروني "دراسة تحليلية" كان هذا عنوان بحثكم المشارك في المؤتمر الدولي الرابع للتعلم الإلكتروني والتعليم عن بُعد بالرياض في مارس الماضي، كيف كانت حلقة النقاش حول البحث وما مدى تطبيقهم لاستخدامات التكنولوجيا؟

انطلاقا من حق الطلاب الصم في التعلم الإلكتروني كباقي أفراد المجتمع، استهدف هذا البحث هذه الفئة المهملة من الطلاب في عالمنا العربي والتي لديهم طاقات وقدرات إنتاجية معطلة بسبب إعاقتهم الحسية، والتي يمكن الاستفادة منها واستثمارها على أمثل وجه، إذا ما قُدم لهم برامج تعليمية صُممت محتوياتها الرقمية وفق خصائصهم وقدراتهم واحتياجاتهم. وهذا البحث على الأخص كان جديدًا في فكرته واستحوذ على اهتمام الباحثين والمشاركين بالمؤتمر، وكثرت الأسئلة والمداخلات حوله للاستفسار عن محتويات البحث ومدى الاستفادة منه مستقبليًا في خدمة الطلاب الصم بالمدارس والجامعات السعودية ومنهم من اخذ نسخة من العرض التقديمي للبحث عقب الجلسة مباشرة. والبحث الآن منشور على موقع المؤتمر ويمكن لذوي الاختصاص الاستفادة منه كيفما شاءوا.

نعلم بأنك تعكف حاليًا على تأليف كتاب بعنوان: "التعلم الالكتروني للمعاقين سمعيا" نريد منك أن تعطينا نبذة مختصره عن الكتاب ولماذا اخترتم المعاقين سمعيًا دون غيرهم من ذوي الاعاقات؟

بالفعل، أعكف الآن على تأليف كتاب عن التعلم الالكتروني للمعاقين سمعيًا والى الآن لم انتهى منه بعد، حيث أن العمل مع هذه الفئة فيه جهد ومشقة كبيرة جدًا في جمع البيانات والدراسات والأدبيات وسرد وتحليل أخر ما توصلت إلية نتائج الأبحاث مع هذه الفئة وفى هذا المجال. علما بأن البحوث الأجنبية في هذا الموضوع بالذات قليلة العدد نوعًا ما وفى عالمنا العربي تكاد تكون معدومة أو نادرة ومحدودة العدد. وأود أن الفت نظركم بأنني اعمل بالفعل في مجال تعليم الصم إلكترونيا منذ العام 2001م وحتى الآن لما تلمسته في هذه الفئة من طاقات وقدرات إنتاجية معطلة وتحتاج إلى من يساعدهم ويرسم لهم خط السير الملائم لهم حتى يحققوا أهدافهم كأقرانهم العاديين. وأقوم حاليًا بتجميع كل خبراتي ومهاراتي وما قمت بتصميمه فعليًا من موقع ويب للتعلم الالكتروني لهم بنظام LMS وتطبيقه فعليًا عليهم في هذا المجال خلال هذه الفترة لإثراء محتوى الكتاب. أما عن محتويات الكتاب نفسه فسيتناول بمشيئة الله موضوعات كاملة عن خصائصهم واحتياجاتهم، وطرق وأساليب تعلمهم إلكترونيًا، ووصف كامل لأدوات الاتصال والتفاعل الملائمة لهم في هذا المجال بجانب وصف بيئات التعلم الإلكتروني الخاصة بهم، وأسس ومعايير تصميم المحتوى الالكتروني لهم. وأخيرًا طرق وأدوات تقويمهم وتقييمهم الكترونيا وعن بُعد.

دكتور محمد ما هي الحقائب التدريبية الإلكترونية المتبعة مع أعضاء هيئة التدريس سواء بالتدريب المباشر أو التدريب عن بُعد؟

لدينا العديد من الحقائب التدريبية في أشكالها المختلفة لتدريب أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، فهناك حقائب التعلم الذاتي وما بها من أدلة الاستخدام التي تساعد المتدرب من التعلم ذاتيًا مع نفسه بمساندة الدعم الفنى بالعمادة إذا احتاج إليها، وهذه الحقائب التدريبية موجودة ومتاحة على موقع العمادة للتحميل المباشر، هذا بخصوص التدريب عن بٌعد. أما فيما يتعلق بالتدريب المباشر وجها لوجه فلدينا العديد من الحقائب التدريبية التي يستخدمها المدرب أثناء التدريب الفعلي كي يطبق ما بها من أنشطة وفاعليات مع المتدربين داخل القاعة.

كيف تقيمون تطوير أنظمة التعلم الإلكتروني في الوقت الراهن وما هي خططكم المستقبلية؟

بداية أود أن الفت نظركم بأن التطوير بصفة عامة قائم ومستمر وليس له وقت بداية أو نهاية. بمعنى أننا مستمرون في تطوير منظومة التعليم الإلكتروني وفى هذا الشأن نجد هنا وحدة قائمة بذاتها في العمادة تخضع لإشرافي مباشرة وتختص بتطوير الأنظمة التعليمية والفنية للتعليم الإلكتروني. وهذا لا يعنى أن الأنظمة الحالية بالعمادة بها قصور أو تقصير لا سمح الله. فالحق، العمادة لا تألو جهدًا في جلب وتوفير كل ما من شأنه تيسير خدمات التعليم الإلكتروني في جامعة المؤسس. بل ما أود أن أقوله هنا أن التطوير سمة جدية المؤسسات الأكاديمية فيما تقدمة من خدمات تعليمية متميزة. ودائما هنا ما نسعى لتقديم أفضل خدمة للطالب والمعلم في التعليم الإلكتروني وتعظيمًا لدور المستحدثات التكنولوجية المتغيرة وتسهيلا للعملية التعليمية ككل.

كلمة أخيرة؟

أود أن أبارك للعمادة ممثلة في سعادة عميد التعلم الإلكتروني والتعليم عن بُعد د.هشام برديسي والسادة الوكلاء المحترمين على جهودهم في حصول العمادة على جائزة خليفة التربوية بدولة الإمارات العربية المتحدة ومن قبلها مباشرة جائزة التميز بالرياض لعام 1436هـ. كما أود أن أشكركم على استضافتي معكم اليوم وهذا الحوار المتميز، وأخيرًا وليس آخرًا أتمنى أن أرى جامعتي العزيزة جامعة المؤسس وعمادتي الموقرة على رأس الجامعات السعودية في مجال التعلم الإلكتروني والتعليم عن بٌعد.

وفي أخر اللقاء تقدمنا بجزيل الشكر للدكتور محمد عبدالمقصود لقبوله إجراء الحوار معنا، ولما تلمسانه من خبرات واسعة اتضحت من خلال حديثنا وإجابته على محاور اللقاء.


آخر تحديث
4/30/2015 9:41:46 AM